في وسط اجواء عائلية تتعدد فيها مواضيع الحديث عن مختلف القضايا في حياتنا اليومية, منها حديثنا عن الجانب الرياضي والمنتخب الوطني والمستوى المتقلب الذي يقدمه, يشدني حديث والدي العزيز دائما عن المنتخب, حيث اننا دائما ما نلجأ اليه في الحديث عن الامور الرياضية و تحليل المباريات بصفته مدربا سابقا وكابتن منتخبنا الوطني في فترة من الفترات ولاعبا سابقا في نادي عمان ولما يمتلكه من خبرة في المجال الرياضي. يشدني دائما تركيزه الشديد عن الجانب النفسي لدى اللاعبين في عالم كرة, وغالبا ما يبدأ حديثه قبل ان يحلل اي مباراة بالحديث عن هذا الجانب.
يعتبر الجانب النفسي من الجوانب المهمة التي يجب التركيز عليها من قبل الجهازين الفني والاداري لمنتخبنا الوطني ولاعبيه. و نعلم ان ادارة منتخبنا ليست غافلة عن هذا الجانب وتعمل جاهدة للعمل على الجانب النفسي لدى اللاعبين. حيث انها توضح لهم جميع الامور المتعلقة بالعوامل النفسية التي قد يواجهها اللاعب قبل المباراة وخلالها وبعد المباراة ايضا وكيفية التعامل معها. ويعاني اللاعب غالبا ضغوطات نفسية وذهنية قبل المباراة واثنائها وذلك بسبب مدى اهمية المباراة او بسبب بعض الامور التي قد تحدث اثنائها من مشادات وخشونة وغيرها من الامور التي قد تثير اللاعب اثناء المباراة. هنا يأتي دور اللاعب في مدى قدرته على السيطرة على نفسيته والتحكم بها لتكون في صالحه ليعطي النتائج الايجابية بدلا من التعامل السلبي مع الموقف.
فالجانب النفسي يجب ان يدرس للاعبين كمادة مهمة يعادل مستواها مستوى حصص التدريب البدني والفني لما لهذا العامل من اهمية كبيرة وله دوره البارز في تحقيق النتائج الجيدة وتعويد اللاعب على استخدام هذا العامل النفسي لديه ايجابيا لكي يصب في مصلحته وفي مصلحة الفريق ايضا.
ولا يقتصر الجانب النفسي على تحمل ما قد يحدث خلال المباراة من مشادات واحتكاكات بين اللاعبين فقط, وانما يشمل الجانب النفسي جميع ما يدور في داخل اللاعب من ضغوطات نفسية كالتفكير المبالغ فيه قبل المباراة, بالاضافة الى التفكير في الجمهور والضغط الذي يسببه اللاعب من توتر سواء كان جمهوره او جمهور الفريق المنافس. ايضا الضغط الذي يعاني منه بعض اللاعبين عند تأخر فريقهم بهدف او أكثر حيث يبدأ اللاعب بالتفكير في كيفية التعويض وقلب النتيجة والذي بدوره قد يسبب القلق والتوتر الشديد للاعب. ذلك بالاضافة الى المشادات والتنرفز بين اللاعبين اثناء المباراة والحصول على الكروت الصفراء التي اسميها (( الكروت السخيفة )) والتي يحصل عليها اللاعب لأسباب تافهة بإمكان اللاعب ان يتفاداها.
وعندما سألت بعض زملائي المتابعين للرياضة بشكل كبير و المتابعين ايضا لمنتخبنا الوطني عن موضوع الجانب النفسي لدى اللاعبين, إتفق جميعهم على أن الجانب النفسي لدى معظم لاعبي منتخبنا الوطني ينقصه الكثير. وان الاحداث الاخير الماضية التي مر بها منتخبنا من عدم الاستقرار في عدة جوانب, قد أثرت سلبيا على ادائه. واتفقوا جميعهم ايضا في ان منتخبنا يعاني من مشكلة هي عدم الحفاظ على تقدمه في المباراة, بالاضافة الى مشكلة كيفية الرجوع الى جو المباراة والتعويض في حالة التأخر بهدف او بأكثر في المباراة,حيث ان كل هذه الامور لها علاقة بالعامل النفسي لدى اللاعبين.
ولا يمكننا تجاهل ان بعض لاعبي منتخبنا يوظفون العامل النفسي لديهم بشكل ايجابي ويمتلكون الهدوء والثقة والتعامل الجيد مع احداث المباراة. في حين نرى ان البعض الاخر لا يمتلك هذا الهدوء وكيفية التعامل مع المباراة بظروفها, حيث ان منتخبنا الوطني معروف بالحصول على (الكروت الصفراء ) أو الكروت التي غالبا ما يحصل عليها اللاعبين لأسباب تافهة بدلا من توظيف الجانب النفسي بشكل ايجابي لتفادي الحصول عليها والتي بدورها قد تزيد العامل النفسي سوءا لدى اللاعب.
ومن الامثلة الجيدة على توظيف العامل النفسي بشكل ايجابي, ما رأيناه من المنتخب التركي في بطولة أمم اوروبا الاخيرة, حيث انهم اعطوا درسا جيدا في عالم كرة القدم وفي كيفية السيطرة على النفس وتوظيفها ايجابيا في المبارايات والتي ادت بدورها الى قلب النتائج لصالحهم. حيث انه من المؤكد ان الجانب النفسي قد لعب دورا مهما لديهم لكي يحققوا هذه النتائج الجيدة في البطولة. من هنا تبرز مدى اهمية العامل النفسي في عالم كرة القدم والذي يجب على كل جهاز فني وإداري ان يركزوا عليه والرجوع إليه في كل وقت, وذلك من خلال الاجتماع باللاعبين قبل كل مباراة وإقامة الندوات التي يحضرها خبراء في الجانب النفسي للتركيز عليه دائما. لا بل انه من الجيد جدا ومن الضروري ان يكون للمنتخب اخصائي نفسي يعالج هذه المسائل من خلال الاجتماعات والمحاضرات مع اللاعبين, وذلك حتى نحصل على النتائج الجيدة والظهور بالصورة الجيدة.