أجرى موقع إلكتروني على الشبكة العنكبوتية استفتاء موسعاً عن رأي المتابعين العرب في بطولة كأس الأمم الأوروبية، التي اختتمت أخيراً في العاصمة النمسوية فيينا، على رغم أن المنافسة تخلصت باكراً من منتخبات الصف الأول من أمثال: فرنسا وهولندا وإيطاليا وكرواتيا، وأبقت على تركيا المجتهدة وروسيا المحظوظة وألمانيا المنهكة وإسبانيا الطموحة، إلا أن مستوى البطولة برأي المشاركين في الاستفتاء يستحق درجة تقويم عالية، على اعتبار أن مستوى المنافسة جاء عالياً ويتفوق على البطولات السابقة.
نتائج الاستفتاء برهنت أننا نعاني أزمة «ذائقة» في الشارع الرياضي، بل أن مهتمين كثراً في كرة القدم، باتوا لا يمتلكون القدرة على تقويم ما يتابعونه ومن ثم إصدار الحكم الصحيح، لأننا لم نعرف سابقاً بطولة أوروبا في حال هزيلة كما شاهدناها في سويسرا والنمسا 2008. مع يقيني أن المتابعين العرب طغت عليهم مشاعر التعاطف مع المنتخب التركي، ولم يفرقوا بين روعة الأداء والحماسة المفرطة. بل إنهم تعاملوا مع مباريات تركيا على طريقة الإعجاب بخطافيات الملاكم المسلم نسيم حميد، من دون النظر إلى مستوى منازلاته وخصومه!
ويكفي للدلالة على «خيبة» يورو 2008 تلك المدرجات التي غاب عنها الجمهور، في ظاهرة تحدث للمرة الأولى في مباريات كأس أمم أوروبا، ويبدو أن الأوروبيين اختاروا أن تبقى المباريات بلا جمهور، على أن يتنازلوا عن شروطهم «المعقدة»، ويمارسوا نوعاً من اللين في منح تأشيرات الدخول الى أوروبا، التي باتت تمثل نقطة سوداء جعلت أنصار كرة القدم في العالم يزهدون في يورو 2008، من أجل الاحتفاظ بقدر من كرامتهم والابتعاد عن السفارات الأوروبية وطوابير الذل، التي تمتد عشرات الأمتار أمام تلك السفارات الممتلئة عنصرية وكرهاً للآخرين.
وحين وزعت اللجنة المنظمة لافتات على جماهير البطولة تحمل عبارة «لا للعنصرية» لتحسين الصورة وتلطيف الأجواء المحتقنة، لم تكن تعلم أن يورو 2008 وصمت بعار العنصرية منذ اجراءات الدخول الى أوروبا وطريقة منح التأشيرات، مروراً بالتعامل الدوني مع المنتخب التركي وأنصاره في الصحف الأوروبية، التي سلطت الأضواء على سلبيات اللاعبين الأتراك وجماهيرهم، وغضت الطرف عن عربدة الألمان والهولنديين وبراميل «البيرة» التي ضربوا أرقاماً قياسية في شربها، وانتهاء بمعاقبة الاتحاد التركي لكرة القدم بدفع 55 ألف دولار بداعي سلوك الرئيس التركي عبدالله غول عقب نزوله الى غرف لاعبي منتخب بلاده بعد مباراتهم ضد ألمانيا، وتمرير الحادثة نفسها من دون عقاب للملك خوان كارلوس وأفراد العائلة الملكية في إسبانيا عقب المباراة النهائية. فضلاً عن أن البطولة عرفت تتويج المدرب الإسباني اراغونيس ولاعبيه باللقب، وهو المدرب الذي تورط في تصريحات عنصرية ضد الفرنسي تيري هنري.
وعرفت البطولة تصريحات السياسي النمساوي يورج هايدر، التي قال فيها علناً أنه لا يفهم سبب السماح لمنتخبي تركيا وروسيا بالمشاركة مع الأوروبيين في البطولة، في تأكيد على أن يورو 2008 بطولة وصمت بالعنصرية وبالمستوى الهزيل منذ البدء وحتى الختام.